وباختصار نعلم أن النظرة اللادينية العلمانية تفترض أن الإنسان جاء إلى الكون سدى وعبثاً، نشأ كما ينشأ أي حيوان إلا أنه متطور شيئاً ما، هائماً على وجهه يبحث عن صيد، يأكل أي شيء، لا يتقيد بحلال ولا يتقيد بحرام، ومع الزمن -كما يزعمون- ومع التطور تشكلت الأسرة أو المجتمعات البدائية على الصيد فترة طويلة، ثم على الرعي، إلى آخر ذلك الظن الذي لا يقوم على أي أساس ولا تحقيق من العلم؛ إنما يفترض أن الإنسان القديم -أو أول ما وجد وخلقه الله وأول ما ظهر الإنسان- على الصورة البدائية الموجودة مثلاً في أستراليا وفي الكنغو وفي المنطقة الاستوائية من أفريقيا وفي حوض الأمازون وما أشبه ذلك من المناطق والأقاليم البدائية.
هذه النظرة الغالبة على التفكير اللاديني العلماني الأوروبي، وهؤلاء يمثلون الإنسان القديم، ثم تطور بعد ذلك حتى وصل إلى المرحلة المتحضرة التي يمثل نموذجها لديهم الإنسان الغربي الحديث في أوروبا الغربية وفي أمريكا ؛ هذا هو الإنسان عندهم.
وعلاقة هذا الإنسان بالطبيعة هي علاقة العنف، وعلاقة القهر، وعلاقة الحرمان؛ ولذلك -كما ذكرنا- اخترعت في الفكر الغربي الإغريقي القديم أسطورة بروميثوس الذي سرق النار من الإله -والنار هي رمز الحضارة؛ لأنه أول ما انتقلت البشرية من العصر الحجري عن طريق الحديد واكتشاف الحديد، والحديد عن طريق النار، كذلك أول ما تغيرت طريقة الطهي والطبخ من مجرد أكل الشيء النيئ كما يزعمون، الإنسان باكتشاف النار أصبح يطبخ وهكذا- فالنار تمثل عندهم رمزية حضارية عميقة الدلالة، كون الإنسان كما يزعمون سرق النار ومع ذلك يعاقب عقوبة شديدة، ويحبس في غار، ويأتي جارح من الجوارح يأكل كبده كل يوم, وما أشبه ذلك كما تقول الأسطورة، هذا نوع من العقوبة؛ لأنه استطاع أن يحصل على شيء من النور أو العلم؛ هذا باختصار.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع